نجود مدراني
المكان وادي زم الشهيدة الأبية المقاومة، الزمن مابين الدورتين، الموضوع نقاش في تدبير الشأن المحلي.
لم يكن يوم 3 فبراير 2022 بمقر جماعة وادي زم مجرد موعد لعقد أول دورة عادية للمجلس، بقدر ما كان ترجمة لردود أفعال من داخل أغلبية المجلس ذاتها، انتفضت على سلوك التعتيم والإقصاء الممنهج وعكست إلى حد ما وعيا سياسيا وحسا تنمويا، مفاده الارتقاء بالممارسة التدبيرية الشفافة والعقلانية والواقعية في مواجهة التدبير الأحادي المنغلق والعشوائي. والمختزل في ثقافة رفع اليد والتصويت والحضور الكمي لا غير ، صحيح القانون يقيدنا بأهمية توفر النصاب القانوني لإضفاء الشرعية على اجتماعات المجلس ومداولاته، لكن يترك باب الاجتهاد مفتوح لخلق وابتداع صور وآليات الحوار والنقاش والتفاعل البناء، والأكثر من ذلك فسح المجال أمام الأخذ بالرأي والرأي الآخر، إنه التواصل ذلك الفعل الذي يخرج الوعي من باطنه وهو الحلقة المفقودة في هذه الممارسة.
التصويت بالرفض على مجمل النقط المدرجة في جدول أعمال الدورة والمتعلقة ببرمجة الفائض وتحويل الاعتمادات، في مقابل التصويت بالإجماع على اتفاقية مشروع تهيئة مدخل مدينة وادي زم من جهة خريبكة، لم يقرأ ويفهم بالشكل الصحيح من طرف الرئيس والمكتب، والرسالة التي لم يستطع المنتخبات والمنتخبون التقاطها ، هي أن الموقف لم يكن صراعا سياسيا ولا جنوحا من فريق المعارضة وخمسة أعضاء من الأغلبية نحو عرقلة قرارات الرئيس وفرملة مشاريع التنمية كما استصاغ للبعض بأن يصفه في بعض خرجاته الاعلامية، لقد كان الأمر لا يعدو أن يكون مجرد رسالة مشفرة تدعو إلى اعتماد الليونة في التعاطي مع جميع مكونات المجلس وامدادهم بالمعلومة واعتماد الوضوح الذي لم يسد حتى داخل فريق الأغلبية، فلا يعقل الحضور لمناقشة نقط مدرجة في جدول الأعمال ولها صلة مباشرة بما هو مالي، دون التوفر على تقارير لجنة الميزانية ومعطيات بخصوص المواد المدرجة.
المفارقة العجيبة في هذه الممارسة هو أنه انبثق عنها كتعبير عن إرادة المنتخبين طلب بعقد دورة استثنائية وبجدول أعمال محدد، ضم عشرة نقط ووقعت عليه الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس(أغلبية ومعارضة) ستة عشر عضوا، وللأسف الشديد لم يتم استثمار هذه المبادرة واستغلالها لإعادة جو الثقة واستمالة المنتخبين من جديد، وفضل الرئيس إلغاء الطلب بمبررات واهية وتحت ذريعة أن طلب عقد دورة استثنائية اقتصر على ذكر المادة40 بدل المادة 36 ، وبدل التركيز على موضوع الطلب ومدى أحقيته كإمكانية يكرسها القانون ويخولها للأعضاء تسهيلا لانخراطهم ومشاركتهم في التسيير وتدبير الشأن المحلي، نتفاجئ بعقد دورة استثنائية حدد تاريخها يوم 17مارس2021 وبجدول أعمال حدده الرئيس واقتصر فيه على أربع نقط.
وبالرجوع للقانون المنظم للجماعات الترابية رقم 113/14، فيما يتعلق بشرعية وقانونية الدورة فمجمل تدخلات الأعضاء لم تخرج عن هذا الإطار، فكل من المادتين 36 و 40 واضحتين في هذا الشأن. الأولى تفرض على الرئيس تقديم تبرير وتعليل للأعضاء إذ قدم طلب عقد دورة استثنائية من قبل الثلث، فيما تلزمه الفقرة الثانية من المادة نفسها بعقد الدورة لزوما إذ قدمت من قبل الأغلبية المطلقة وعلى أساس جدول أعمال محدد خلال 15 يوم من تاريخ تقديم الطلب. نفس الشيء تقره المادة 40 من القانون نفسه، فيما يتعلق بإدراج نقطة ضمن جدول أعمال الدورة، مع اختلاف بسيط من حيث النصاب يتجلى في وجوب تسجيل الطلب في محضر الجلسة إذ ما قدم من قبل النصف، ويقدم التعليل أو التبرير إذ قدم الطلب من قبل الأعضاء بصفة فردية أو جماعية تطبيقا للفقرة الثانية من المادة السابقة الذكر.
ودون الابتعاد عن مقتضيات نص القانون، كنا كأعضاء ننتظر أن يتلو علينا الرئيس جواب السيد عامل العمالة والاقليم بخصوص رده عن طلب الأعضاء خصوصا وأن القانون في الفقرة الثانية من المادة 38 يقضي بتبليغ الرئيس إلى عامل العمالة أو الاقليم جدول أعمال الدورة 20 يوما على الأقل قبل تاريخ انعقادها، وهو الأمر الذي غاب عن المسؤول المنتخب أثناء تقديمه لمبررات غير واقعية وأثناء قفزه على المقتضيات القانونية المؤطرة لعمل المجالس والمتمثلة في إحاطة العامل بالأمر.
تمرير نقط تكتسي أهمية كبرى لدى الساكنة وجمعيات المجتمع المدني من قبيل دعم الجمعيات وتفويت القاعة المغطاة والتي كان من المفترض أن يكون فيها نقاش وتصويت بالإجماع، بدل التركيز على أصوات يتم استمالتها بشكل دوري وبطرق غير مشروعة إن أصابت اليوم أخفقت غدا، هو أمر يعكس قصر الرؤيا وعجز عن احتواء الصدع والشرخ الحاصل داخل مكونات المجلس ودليل على العيش بعقلية تقليدية لم تستغ الخطابات الرسمية الداعية الى تنمية ترابية في إطار جد متقدم. يحاكي الجهوية المتقدمة، وما تطرحه من معاني جديدة في إدارة التراب كمجال مدستر لم يعد يقتصر على مخاطبة الكبار بل أصبح يركز على مخاطبة الأفراد الواعون والمؤهلون ودعوتهم للمشاركة والانخراط في العملية التنموية.